أنا أخاطبك، أيتها الروح العزيزة، أنت التي تشعرين بالضياع، بالوحدة، بالعزلة، بالخوف.
أنا أخاطبك أنت، الرجل الذي لم يعد يستطيع أن يعيش هكذا والذي يشعر أنه لم يولد ليحارب.
أنا أخاطبك أنت، المرأة التي تبكي في السر وتعاني في صمت.
أنا أخاطبك أنت، الطفل الذي تعرض للأذى، الذي يعاني لدرجة أن الوضع أصبح غير محتملٍ.
أكلمك أنت الذي تطلب المساعدة.
أنت، الكائن الذي يشعر بأنه مختلف حقاً.
أنت الذي يبحث، ولكنه لا يجد. أنت الذي يشعر أن هناك شيء ما ينقصه.
إلى كل هؤلاء الذين يعتقدون أن العالم تخلى عنهم.
إلى كل هؤلاء الذين استسلموا، الذين لم يعد لديهم القدرة على المتابعة.
إليك أنت الذي يشعر أنه تعرض للانتهاك، للإذلال، للرفض، للإساءة.
إلى كل الرجال والنساء الذين يرزحون تحت عبء الديون، تحت ضغط العالم الخارجي.
إلى من أعطى كل شيء ومع هذا لم ينجح أبداً.
إلى التي حاولت بيأس أن تكون “مثل كل الناس”، ولم تتوصل لهذا أبداً.
إليك أنت الذي لم يعد يستطيع أن يركض كي يسابق الوقت ويظل مع هذا يعيش في حالة عوز.
إليك أنت الذي لم يعد يستطيع أن يعيش حسب المفاهيم السائدة، الذي يشعر كأنه غريب هنا.
إليك أنت، الكائن العظيم، الذي لم يعد يتذكر، الذي نسي من هو ولماذا هو هنا.
وأنا أكلمك أنت، الغاطس حتى العمق في العذاب والظلام والذي لم يعد يستطيع أن يرى فسحة الضوء الصغيرة الوحيدة في الأفق.
أنت الآن تخرج من شرنقتك. وأنا أكلمك اليوم لأعطيك أملاً. لأن ما تشعر به، أنا أشعر به. ما تعيشه، أنا أعيشه. مخاوفك، شكوكك، حالتك السيئة، عدم قدرتك على الفهم، معاناتك، كل هذا كان يسكنني منذ الأبد.
أعرف ما تعانيه وأعرف كم تشعر بأنك مختلف ولا أحد يفهمك. أنت بنفسك لا تفهم ما يدور في داخلك. لكن أريدك أن تعرف أن كل هذا سيضيء ذات يوم. نورك الداخلي سيضيء العتمة التي كنت غارقاً فيها. وستتبدد الفوضى الظاهرة من حياتك لتترك مكاناً لطبيعتك الحقيقية.
أرجوك، لا تحاول أن تخرس ما تسمعه في داخلك. إنه نداء روحك، وهو ينتظر بحكمة وصبر حتى تصبح جاهزاً. والآن، اللحظة قدمت من أجلك. المعركة وصلت لنهايتها. ارمِ سلاحك، أخرج رأسك وافتح قلبك. انظر كيف تتزين الحياة عندما تتوقف عن المحاربة. عندما تتواصل مع كائنك الكامل.
ألا ترى كم أنت مدهش، مثلما أنت ؟ توقف عن الاعتقاد أنك لست جيداً بما يكفي، أنك لا تستحق، أنك لم تولد من أجل هذا. انظر إلى نفسك في المرآة وتطلع إلى عمق نظرتك. ألاحظت ما أراه أنا ؟ ألاحظت روعة روحك ؟
أتعتقد انك أتيت إلى هذا العالم لتكافح من أجل العيش، لتعاني، لتعيش في الندم والمرارة ؟ لا أعتقد ذلك. أنت هنا لتعيش أجمل رؤية لكينونتك. هذه الرؤية هي نورك الداخلي. إنها صفاء روحك. إنها الشرارة الإلهية فيك.
لديك الخيار الآن. تستطيع أن تفعل مثل العديد من الأشخاص وتواصل طريقك متقبلاً العيش في هذا العالم الوهمي. أو يمكنك أن تسلك طريقاً مختلفاً، مستجيباً لنداء روحك. هذا الطريق المجهول يسمح لك أن تستكشف ليس العالم الخارجي، لكن مسكنك الحقيقي. إنه يجعلك تغطس في داخل كينونتك ويجلب لك الأجوبة على أسئلتك.
هذا ما تمنحك إياه اليقظة. انفتاح على الحقيقة الأكبر، حقيقتك. حقيقة أنك كائن عالمي ليس له حدود، وليس كائناً بشرياً محدوداً. حقيقة جوهرك الإلهي، قدرتك على الإبداع وطاقتك الحقيقية. العالم الذي نتطور فيه هو عالم كامل ومحب. كل ما هو موجود على طريقك حدث لك لسبب إلهي. روحك جذبته نحوك لتساعدك على التطور. معاناتك، بؤسك، تجاربك في الحياة، علاقاتك، بيئتك، تساؤلاتك، كل هذا موجود هنا ليساعدك على النمو. تخلّ عن أحكامك وانظر إلى ما وراء المظاهر. ما الذي يستطيع أن يعلّمك إياه كل هذا ؟
لقد سمعت الجواب. أنت لست وحدك. نحن كلنا مرتبطون معاً بخيط غير مرئي. لهذا أنا عشت معك معاناتك. عشت معك علاقتك الصعبة، محنتك التي لا تحتمل وتساؤلاتك الأبدية. كلنا متحدون على هذه الأرض، حتى لو كان لدينا الانطباع بأننا منفصلون الواحد عن الآخر. من هنا الوهم. وهنا جوهر اليقظة (أو التنوير) : الخروج من وهم الانفصال والوصول إلى الرابط المقدس بينك وبين مصدر كل الأشياء.
في الوقت الحاضر، أغلق عينيك واشعر بالوجود الذي يسكنك، هذه الطاقة الحيوية التي تحفظك على قيد الحياة. اربط نفسك بها واقبل أن تقودك هذه القوة العظيمة بالكامل.
تستطيع أن تفتح عينيك الآن. لقد ارتفع الستار وأستطيع أن أراك أخيراً.