يبدو أن الاحصاءات الأخيرة عن انتشار فيروس كورونا في الصين، تشير إلى تراجعه بمعدل يقارب 50%، مع العلم أن السلطات الصينية تشمل كل الأشخاص الذين تظهر عليهم عوارض الالتهاب الرئوي في صور الأشعة، مع مرضى كورونا، بدون حتى أن يتم اكتشاف الفيروس لديهم !
نحن نواصل الاعتقاد، كما ذكرنا في مقالات سابقة، بأن الخشية من كارثة صحية نتيجة فيروس كورونا لا مبرر لها. للتذكير، هذا الفيروس تسبب بوفاة 1200 شخص في شهر ونصف، مع العلم أنه يموت 3000 شخص يومياً في الصين نتيجة التهابات تنفسية (يتسبب بها فيروسات أخرى وتلوث الهواء الخطير)
مع العلم أيضاً أن قسماً كبيراً من الإصابات الجديدة بفيروس كورونا لم تحدث بسبب الوباء ذاته، ولكن بسبب الإجراءات المتطرفة التي اتخذتها السلطات لاحتجاز آلاف الأشخاص في مستشفيات بنيت على عجل، واعتبرتها الصحافة الغربية مثالاً على “المعجزة الصينية”.
فقد قامت الشرطة الصينية بالبحث عن الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الحمى أو التهابات المجاري التنفسية، ووضعتهم بالقوة في “مستشفيات رائعة” هي، في حقيقة الأمر، مجرد معسكرات اعتقال.
وهكذا انتقل الفيروس إلى الكثير من الأشخاص الذين كانوا ظلوا في مأمن لو بقوا في منازلهم.
ما هي حقيقة المستشفى الذي بُني في 10 أيام ؟
“انظروا ماذا فعلت الصين ! لقد بنوا مستشفى من الف سرير في عشرة أيام ! لو حصل هذا عندنا، لاستغرق الأمر 20 سنة ! ” هذه هي التعليقات التي انتشرت في الصحف العالمية حول “المعجزة الصينية” !
في الحقيقة، هذه المستشفيات بمثابة كارثة حقيقية لأنها تساهم في انتشار المرض.
بحسب دراسة ظهرت حديثاً في مجلة JAMA، إحدى أهم المجلات الطبية :
” يبدو أن 41% من المصابين التقطوا المرض عن طريق المستشفيات”…وتعلق مجلة الطب العالمي على هذه الظاهرة بالقول :
“يبدو أن ارتفاع حالات عدوى المستشفيات يعكس خصوصية النظام الصحي الصيني من حيث اللجوء شبه الفوري إلى المستشفى عند أقل اشتباه بالإصابة، ومن هنا تضاعف عدد الاصابات نتيجة العدوى في المستشفيات”.
هل هو علاج أو احتجاز ؟
ما يثير القلق إن هذا النوع من المستشفيات ليس مؤهلاً لعلاج المرضى، بل لاحتجازهم فقط.
الصور التي انتشرت للمقيمين في هذه الغرف ليست مطمئنة إجمالاً.
ليس هناك معجزة تقنية في إنشاء هذه “المستشفيات” على عجل
بالنسبة للأشخاص غير المطلعين (وهذه حالنا كلنا)، فإن بناء هكذا مستشفى في بضعة أيام هو معجزة بحد ذاتها.
ولكن المعلومات التي أدلى بها المهندس المعماري خوان هيريرو، الاختصاصي في الإنشاءات المسبقة الصنع تقول :
“ليس هناك معجزة تقنية. إنها بيوت جاهزة يتم دمجها مع بعضها. تستعمل جيوش عديدة في العالم هذه التقنيات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
إنها إذن بنى تحتية على النمط العسكري، تُستخدم في مناطق النزاعات لأغراض متعددة.
كلمة أخيرة : “لقد فقد الطب الصيني التقليدي وحكمته، التي تعود إلى آلاف السنين، قيمتهما. لقد تخلوا عن الفلسفة الطاوية القديمة ومبادئ الصحة الشمولية المدهشة”.
يبدو أن السلطات الصينية لم تعد تؤمن بالإبر، ولا بالطاقة، ولا بالين واليانغ، ولا بالأعشاب الطبية.
بالعكس، فإن سياستهم (ومصالحهم) أصبحت منسجمة مع شركات الدواء العالمية والصناعات الطبية بشكل كامل.
قد يكون هذا هو الدرس الكبير الذي علينا أن نتعلمه من هذه الأحداث المؤسفة.