نظراً لغياب الدراسات الإحصائية الموثوق بها حتى تاريخ قريب، لعب الأخذ والجذب دوراً كبيراً جداً في النقاش العظيم بين آكلي اللحوم والنباتيين. أظهرت دراسة واسعة النطاق شملت 120000 شخص أن استهلاك اللحم الأحمر يقصّر بشكل كبير من عمر الإنسان.
بسبب قلة المعلومات عن التأثيرات البعيدة المدى للنظام الغذائي القائم على اللحوم غالباً ما يأتي رأي النباتيين غير علمي. أما آكلو اللحوم فيعترفون بالضرر الذي يسببه تناول كميات كبيرة من الدهون الحيوانية واللحوم المعالجة (مدخنة، معلّبة، مجففة ومجلّدة، الخ…). إلا أنهم يدافعون عن آرائهم مشيرين إلى أنّ الخصائص الغذائية للحوم الطازجة (أمر غير مثبت علمياً أيضاً) أهم بكثير من المخاطر الطويلة الأمد للنظام الغذائي القائم على اللحوم.
نُشرت هذه النتائج في “أرشيف الطب الداخلي” Archives of Internal Medicine- مجلة الجمعية الطبية الأميركية American Medical Association.
استند البروفسور An Pan وزملاؤه في تحليل الآثار الطويلة الأمد للنظام الغذائي القائم على اللحوم إلى دراسة إحصائية واسعة النطاق حيث شارك في هذه الدراسة 37698 رجلاً و83644 امرأة. تمت متابعة حالتهم الصحية ونظامهم الغذائي على مدى 28 سنة بالنسبة إلى المجموعة الثانية و22 سنة بالنسبة إلى المجموعة الأولى. وخلال هذا الوقت، سُجلت 23926 حالة وفاة في المجموعتين الخاضعتين للمراقبة، علماً أنّ وفاة 5910 منهم نتجت عن أمراض القلب والشرايين فيما نتجت وفاة 9464 منهم عن الإصابة بالسرطان.
وعلّق الباحثون على نتائج الدراسة بقولهم: “وجدنا أنّ كثرة استهلاك اللحوم الحمراء مرتبط بارتفاع عدد الوفيات من هذه الأمراض، ويمكن إيجاد هذه العلاقة عند تناول اللحوم المصنعة والطازجة أيضاً ألا ان تأثيرات اللحوم المصنعة السلبية أكثر بكثير من تأثيرات اللحوم الطازجة. ولكن عندما تمّ استبدال اللحوم الحمراء بالأسماك والخضار والدواجن، انعكست النتائج أيّ أن عدد الوفيات انخفض.”
يمكن اعتبار هذه الأرقام حيادية أيّ أنها مستقلة عن النتائج التي تترافق مع بعض المتغيرات مثل السن، ومؤشر البدانة، والنشاط الجسدي، والاستعداد الوراثي. ومن الهام أن نشير إلى أنّ أعضاء المجموعة كانوا أصحاء جسدياً عند بدء الدراسة.
في الجزء الثاني من التحليل، قوّم الكتّاب تأثير استبدال اللحم الأحمر بغيره من المأكولات. وتبيّن أنّ خطر الوفاة في حال الامتناع عن تناول اللحوم الحمراء ينخفض بمعدل 7% في حال استبدال حصة اللحم بحصة من السمك، وبمعدل 14% في حال استبدالها بحصة من الدواجن، وبمعدل 19% في حال استبدالها بالمكسرات وبمعدل 10% في حال استبدالها بالخضار وبمعدل 14% في حال استبدالها بالحبوب.
ولخّص الباحثون عملهم بالقول: “وقد وجدنا أيضاً أن 9.3% من حالات الوفاة عند الرجال و7.6% عند النساء كان بالإمكان الوقاية منها لو قلل كافة المشاركين من استهلاكهم اليومي للحوم الحمراء بمعدل 50%.”
بمعنى آخر، كان بإمكان حوالى 3500 رجل و6 آلاف امرأة شاركوا في الدراسة أن يبقوا على قيد الحياة لو خفّضوا حصة اللحوم التي يتناولونها بمعدل النصف على الأقل.