د. سيرغيه لازاريف
إذا أحببنا شخصاً آخر حباً شديداً وأخذنا نولع به بإسقاط هذا الحب على جسده ووعيه، عند ذلك نبدأ بقتله بواسطة هذا الحب. لذلك كثيراً ما يخاف الشخص الناقص أن يُحب، لأنه يشعر في لاوعيه أن ذلك قد يؤدي به إلى حتفه. لذلك انتبهي! حبك له قد يقتله.
روت لي امرأة هذه القصة.
“وقعت في الحب من غير توقع أبداً. شعرت أن هذا الرجل قريب جداً مني. منذ تعارفنا الأول نشأ لدي إحساس بأنني أعرفه منذ زمن طويل. والغريب أنه كان لدي إحساس آخر، إحساس بالخطر، كأن شيئاً يقول لي”ممنوع عليكما أن يحب أحدكما الآخر”. إلا أن شعوراً لا يقاوم جذبني إليه كدوامة، ولم أستطع أن أفعل شيئاً. بعد ذلك حضرت إحدى ندواتك وتحسنت حالتي. زال ولعي المجنون، ولا أعرف أين اختفى هذا الرجل، ولم يعد يتصل بي هاتفياً. وبعد فترة من الزمن عرفت أنه مات. وأنا الآن أعاني من العذاب والألم.”
ربما كنت مذنبة في موته؟
أجبتها:” لست مذنبة. كان من المفترض أن تموتا كلاكما. الحب هو أعظم قوة في الكون. فإذا لم تتجاوزي علاقتك النفعية بالله، فإن حبك سيقتل من يلامسه. لا يتحول الحب الإلهي إلى تعلق أبداً ويزيد من سعادة الإنسان بازدياده. لذلك يجب أن تكون نظرتنا إلى الخالق على أنه هو هدف حبنا في المقام الأول. وعندئذ لن يتحول حبنا لإنسان آخر إلى ولع وتعلق، كما أنه لن يتحول لاحقاً إلى خوف وغيرة وكراهية”.
يغطي معظمنا تفكيره النفعي بحجة طلب العدل والمساواة: “سوف أحبه عندما يفعل شيئاً من أجلي”. ولكن لا يجب أن نخلط بين الاستلطاف والحب. فالإستلطاف يتعلق بالمظهر والسلوك والأعمال الطيبة وما شابه، بينما يجب ألا يتعلق شعور الحب بأي شيء. قرأت في أحد الكتب مثالاً على هذا:”يجلس شاب أمام الموقد ويقول له: سأضع فيك الحطب وأشعل النار إذا أعطيتني أنت أولاً الدفء”.
إذن يمكن للإستلطاف أن ينتظر، أما الحب فلا يمكنه الانتظار. ومن يفهم ذلك لن يضع شروطاً ومتطلبات لكي يحس بالحب. يقول كثير من المتدينين الكاذبين:”سوف أؤمن بالله إذا حدثت معجزة، سوف أؤمن بالله إذا شفاني، سوف أؤمن بالله إذا رأيت أنه يهتم بي”. أي أنهم يريدون الأخذ أولاً ، وعلى هذا الأساس يبنون إيمانهم. تحدد هذه النظرة للخالق علاقتهم بالناس وبمصيرهم، وتشكل مصيرهم اللاحق. إذن فالعلاقة المبنية بشكل خاطئ مع الله والناس قد تؤدي إلى مرض النفس وبعدها مرض الجسد وبعدها خراب المستقبل.