عندما تبلغون أقصى درجة استيعاب للدهون تحت الجلد، لا يعود الجسم لديه خيارات سوى تخزينها في أماكن أخرى!
الأنسولين ملك التخزين .نذكركم أن تخزين الدهون يتم بواسطة الأنسولين، وهو هورمون ينتجه البنكرياس. وتتكون البدانة.
مثلاً، عندما تتناولون وجبة دسمة، يحدث ارتفاع في إفراز الأنسولين : إنه الهورمون الذي يجبر الطاقة الفائضة على الدخول إلى خلاياكم، وبالتالي على تخزينها تحت الجلد على شكل دهون.
المشكلة تظهر عندما تبلغون قدرتكم القصوى على تخزين الدهون تحت الجلد.
في هذه الحالة، تحتاجون جرعات أكبر فأكبر من الأنسولين لإجبار الدهون على التجمع في أماكن أخرى : في عضلاتكم وحول أعضائكم الداخلية. وعندما تمتلئ العضلات والكبد والبنكرياس هي أيضاً بالدهون…لا يبقى لديكم مكان آخر لتخزين فائض الدهون…وهذا ما يسمى السكري النوع الثاني !
المشكلة، في هذه المرحلة، ليست أن لديكم نقصاً بالأنسولين. حتى لو أنتج جسمكم كل أنسولين العالم، من المستحيل أن تجعلوا السكر الإضافي يدخل في خلاياكم إذا كانت “ممتلئة” من قبل. هكذا يبقى السكر في دمكم…يرتفع مستوى السكر في الدم…ويشخص طبيبكم إصابتكم بالسكري.
سنلخّص ما يجري في جسمكم لكي تتوضح الامور.
أولاً، تملأون مخازن الدهون تحت الجلد بشكل كامل، بواسطة جرعات عادية من الأنسولين، لأنها عملية طبيعية.
عندما تمتلئ المخازن بالكامل، تصبحون مجبرين على تخزين الدهون في أماكن يجب أن لا تكون فيها، في العضلات والأعضاء الداخلية – هذه المرة، يتطلب الأمر جرعات ضخمة من الأنسولين، لأن هذا التخزين ليس أمراً “عادياً”.
ثم، بعدما تملأ الدهون كل شيء، حتى لو أنتج جسمكم أطناناً من الانسولين، لن يستطيع أن يخزن كل شيء!
ولكن في هذه اللحظة، لكثرة ما أفرز جسمكم من الأنسولين، يصاب البنكرياس بالإنهاك ولا يعود قادراً على إنتاج كمية كافية.
في هذه الحالة، نعتبر أنكم مصابون بالسكري النوع الثاني: لا يعود جسمكم في هذه الحالة ينتج ما يكفي من الانسولين، أو لا ينتجه نهائياً، وهذا أمر خطير جداً !
لكن قبل أن تصلوا إلى هنا، مشكلتكم كانت أولاً فائض الأنسولين، المرتبط بواقع أنكم بلغتم عتبة تخزين الدهون تحت الجلد.
نسمع أحياناً عن “مقاومة الأنسولين”، لكن فائض الانسولين هو مصطلح أوضح بكثير…وهو بالذات ما يعطينا الحل.
مشكلتكم ليست، نوعاً ما، في أن خلاياكم التي تخزن الدهون تظهر “مقاومة” تجاه الانسولين، أو في ان هذه الخلايا أصبحت أقل “تلقياً” للانسولين…
…مشكلتكم أن الخلايا المتوفرة لتخزين الدهون قد أصبحت مليئة !
تخيلوا حقيبة على وشك أن تنفجر لشدة ما هي مليئة: مهما بذلتم من جهد، لن تستطيعوا أن تضعوا غرضاً واحداً إضافياً!
ليست المسألة أن حقيبتكم أصبحت “مقاومة للثياب” أو “عديمة الحساسية تجاه الجهود التي تبذلونها من أجل أن تملأوها”…المسألة أنها مليئة بكل بساطة. وما يجب أن نفهمه جيداً، هو أن حجم هذه “الحقيبة” يتفاوت بين شخص وآخر !
بعض الأشخاص يمكنهم أن يراكموا الكثير من الدهون تحت الجلد…بينما لا يراكم البعض الآخر إلا القليل منه.
ولهذا يكون بعض الأشخاص البدينين بصحة جيدة : لديهم الكثير من الدهون تحت الجلد ولكن ليس لديهم فائض من الأنسولين، لأنهم لم يتجاوزوا قدرتهم على التخزين ! (لنكرر مرة أخرى، يحدث فائض الأنسولين عندما تصل قدرتكم على تخزين الدهون إلى منتهاها، وتحتاجون عندها إلى كميات مرتفعة بشكل غير عادي من الأنسولين لإجبار العضلات أو المناطق المحيطة بالأعضاء الداخلية على تخزين الدهون).
بالمقابل، إذا كانت قدراتكم على التخزين ضعيفة، فقد تكونون نحيفين ولكن لديكم فائض من الأنسولين، لأنه تجمّع لديكم الكثير من الدهون في العضلات وحول الكبد والبنكرياس!
هذه النظرية تشرح بشكل كامل لماذا يتفشى السكري على شكل وباء في الصين والهند…مع أن البدانة ليست منتشرة كثيراً فيهما.
من المحتمل أن تكون عتبة تخزين الدهون تحت الجلد لدى الصينيين والهنود محدودة أكثر بكثير مما هي لدى الاوروبيين!
إذا استطعتم متابعتنا إلى هنا، ستفهمون لماذا “الوزن الزائد” ليس بالضرورة مؤشراً موثوقاً به فيما يتعلق بصحتكم.
الجزء الأول: متى تكون البدانة مفيدة للصحة ؟ ( الجزء الاول )
انتظروا الجزء الثالث: متى تكون البدانة مفيدة للصحة ؟ ( الجزء الثالث )