زيادة المال الذي نجنيه عن حده
إن أصول التفكير المسطح الذي نجده عند أغلب الناس يعود إلى نمط الحياة البدائي. فالإنسان البدائي اعتاد أن يقتدي بالزعيم وأن يقلده ويقتفي أثره. فإذا كان الزعيم ضعيف الإرادة جباناً، تموت المجموعة كلها.
كانت الآلهة الوثنية بالنسبة للإنسان البدائي شبيهة بهؤلاء. لقد كان الآلهة أذكياء وأقوياء وكانوا على الدوام يثبتون قوتهم وجبروتهم. ورغم مرور آلاف السنين على بداية ظهور الأديان ما زالت تصوراتنا لله تحمل في ذاتها تفكيراً بدائياً:الخالق قادر على كل شيء ومطلق الحكمة. التفكير المسطح يتعامل فقط مع مفاهيم القوة والجبروت والعدالة، ولديه مشكلة في استيعاب مفاهيم الرحمة والحب.
انعكس فهم التفكير المسطح للدين أيضاً بالنسبة للمال
وهكذا ظهر الازدراء للمال. أصبح غياب المال أمراً جيداً ووجوده خطيئة، وبدأت النظرة إلى الأثرياء تصبح نظرة شك وكراهية. يمكن ملاحظة علاقة شبيهة بهذا في عقائد وثنية كالاشتراكية. لنلاحظ أيضاً أن الازدراء هو الشكل المعاكس للخضوع.
من الطبيعي أن تتحول علاقة الاحتقار للنقود تدريجياً إلى النقيض. وهكذا نشأت في العصور الحديثة موجة التركيز على محاسن الثراء: كلما أعطاك الله مالاً فهذا يعني أنه يحبك أكثر، وهذا يعني أن عبادة الله تكمن في اتقان جني المال، والله يكافئك على ذلك.
الأمر الغريب أن هناك صوابية ما في كلتا النظريتين، ولكن جعل واحدة منهما مطلقة يؤدي حتماً إلى الفساد وفقدان الحب. بالنسبة للتفكير المسطح، المال هو إما خير وإما شر. من يؤمن بالله لا يجوز أن يتمادى في جني المال. يجب عليه أن يسعى للحد من المال حتى الوصول للفقر.
في التفكير الثلاثي الأبعاد،المفهوم بسيط: يجب أن يكون السيد واحداً هو الخالق، ويجب أن يكون المال خادماً. لا يجوز أن نتبع له ولا أن نخضع له. يمكننا جني المال ولكن يجب التحكم به وصرفه بعقلانية. إذا أصبح المال وفيراً جداً وأخذ يتحول إلى عقارات ومؤسسات، سوف يستهلك ذلك قدراً كبيراً من الطاقة الروحية، وهذا قد يؤثر سلباً في النفس ويجعلها خاوية. مما يعني أنه لا يستطيع كل شخص أن يمتلك أموالاً طائلة، فزيادة المال كزيادة الطعام والجنس قد تؤثر على نفس الإنسان.
سيرغيه لازاريف – Dr Segey Lazarev ” لماذا يجب ألا يزيد المال الذي نجنيه عن حدّه؟ “