تخيّل معلماً في فنون القتال. لقد تلقى هذا المعلم، لسنوات كثيرة، دروساً تعلّمه كيف يقتل. لكنه فهم في النهاية أن هدف فن القتال ليس قتل الخصم. فأي شخص يملك رأياً خاصاً به هو خصم بالنسبة لك. وإذا تم حلّ الخلافات كلها بقتل الجهة المضادة فسوف ترغب في نهاية المطاف بأن تقتل الكون كله ونفسك معه. عندئذٍ اكتشف المعلم أنه ليس من الضروري أن أقتل الخصم وإنما يكفي أن أخيفه وأظهر تفوقي عليه. وللمحافظة على هذا التفوق، لا بدّ من أن اتواصل معه بشكل معين من أجل فهم الخصم. إليكم سر الإنتصار.
مع مضي الوقت يكتشف المعلم اكتشافاً هائلاً : لإحراز النصر، ليس من الضروري إخافة الخصم، بل الأفضل التحكم به. أما الأفضل من هذا بكثير فهو عندما لا يدرك الخصم أن هناك من يتحكم به. من أجل الوصول إلى هذا، يجب أن نعرف ونفهم ونشعر جيداً بالشخص الذي نرغب بالتحكم به.
هذه هي ذروة الفنون القتالية: النصر الحقيقي يأتي دون عراك جسدي. الفن القتالي الحقيقي هو إتقان التحكم بالآخرين. التحكم الحقيقي يأتي عبر المستقبل. كلما كانت قدراتك على التحكم بالمستقبل أكبر، كان بإمكانك أكثر التحكم بشخص آخر بشكل غير ملحوظ وبدون أن يقدر هذا الشخص على المقاومة.
كيف نتعلم التحكم بالآخرين؟
وفي لحظة إشراق، يصل المعلم إلى مستوى وعي أعلى. كيف نتعلم التحكم بالآخرين؟ لكي نصل إلى هذا، لا بد أن نتعلم التحكم بأنفسنا. لن يستطيع الشخص البخيل أو الحسود أو الحاقد التحكم بالآخرين، وسيظل متعلقاً تابعاً على الدوام. فقط عندما نتغير من الداخل بشكل حقيقي، يمكننا تغيير المستقبل والتحكم بالآخرين. ولكي يتم هذا التغيير يجب أن نتحرر من سيطرة غرائزنا وجسدنا ووعينا. كيف نستطيع هذا؟
يجب أن نعود إلى نقطة الانطلاق. إن نقطة الانطلاق لدينا ترتكز إلى الغرائز والحاجات الحيوانية والإنسانية، ويجب لهذا أن نحس في ذاتنا بالبداية الإلهية، وأن نشعر بأن هذه هي الحقيقة الأبدية الوحيدة.
هكذا نكتشف أن هدف الفنون القتالية الحقيقي والوحيد هو معرفة الله في ذاتنا. إذن عندما يهاجم اللاعبون بعضهم، وتكون النية هي الرغبة في إفناء الخصم، فسوف تحدث الإصابات والأمراض والإخفاقات. أما إذا كانت النية باتجاه التطوير الذاتي، فسوف تكون التشوهات والإخفاقات أقل.
لا بد أن يعود الكون إلى خالقه عاجلا ً أم آجلاً، ومن أجل ذلك يجب أن يرتفع مستوى الحب باستمرار في أرواحنا. فمن يتضاءل الحب لديه يجب أن يموت، ومن يتزايد الحب لديه يجب أن يتطور.
سيرغيه لازاريف