الانفصال عن الاخر
إننا ننظر إلى بعضنا البعض ونقول لأنفسنا:” الجميع منفصلون بعضهم عن بعض، وكل شيء مستقل بحد ذاته. هذا موجود هناك وأنا موجود هنا. هذا الإنسان واقف هناك، بينما أنا أقف هنا”. وهذا فخ يجب أن نتجاوزه جميعاً، هذا الفخ هو الوهم بانعزالنا وانفصالنا عن بعضنا البعض. إن مشاعرنا في كل خطوة نخطوها ترسل لنا المعلومات التي تقول:” إننا منفصلون، إننا منفصلون، إننا منفصلون”.
لكن التفكير ومراقبة العالم المحيط بتمعن يبيّن لنا أن الأمر ليس كذلك. وهذا يعني أن كل فرد منا مرتبط مع كل ساكن فوق هذا الكوكب في أي نقطة منه. إن كل فعل من أفعالك يتردد في كل زوايا الكون فوراً. إن كل فكرة من أفكارك تنتقل في لمح البصر إلى كل نقطة من نقاط الأرض، فتكون النتيجة حسب نوعية كل فكرة. إن كل فرد فينا مسؤول عما يحدث في هذا الكون وفي بلده. إننا مسؤولون عن الحرب والسلم والتلوث والتقدم وحياة أقاربنا وكل شيء.
بإمكانك أن تتخيل شبكة ضخمة تحيط بالكرة الأرضية كلها. تمثل عُقَد الشبكة الناس الذين يقطنون هذا الكوكب، فما إن تنغلق عن العالم حتى تنتشر الإشارة عبر هذه الشبكة :”هذا الإنسان لا يتقبل محبتنا ومساعدتنا ودعمنا له، إنه ينغلق عنا”. سيعكس الناس بطبيعة الحال حالتك الداخلية وينصرفون عنك. وإذا تصرفت بصورة مغايرة، أي انفتحت على العالم المحيط بك، فإن كل شيء سيتغير نحو الأفضل وسيدخل إلى حياتك الوفرة والنجاح.
فماذا يعني أن تكون نفسك؟ إذا أخذت كوباً وملأته بالماء الملوث وحاولت أن تنظر من خلاله إلى النور، فإنك لن ترى شيئاً لأن الضوء سيبدو ضعيفاً جداً، ورغم أن الكوب يحتوي على الأوساخ وعلى الماء النقي، فهما مختلطان لدرجة أنك لن تستطيع أن تميّز أحدهما عن الآخر. الإنسان يشبه هذا الكوب، فالأوساخ هي قيودنا وعقد نقصنا وقناعاتنا الخاطئة وأوهامنا بخصوص طبيعة الأشياء وبخصوص موقعنا ودورنا في هذا العالم. أما الماء النقي الشفاف فهو الحكمة الأصلية ونور الوعي والإدراك الصافي الموجود في كل شخص منا.
إن الحكمة موجودة فينا دوماً، وما يدل على ذلك هو أن كل فرد منا ينجح من فترة لأخرى في التصرف بحكمة بحيث ترضي أفعاله الجميع. واعلم أنك عندما ترتقي لهذه الحالة تكتسبها لفترة طويلة، وإلا لتراجع حكماء العالم إلى حالتهم البدائية. وهذا يعني أن الحالة الطبيعية لأي إنسان هي الحكمة والنور، ولهذا عليك دائماً أن تكون نفسك. والطريق إلى ذلك يمر عبر اكتشاف الذات وعبر القدرة على النظر إلى داخل النفس دون أن نشيح بنظرنا بعيداً مهما كان ما رأيناه في داخلنا. أريد أن أكرر هنا أن جميع البشر متشابهون وأنت لست أفضل ولا أسوأ من غيرك.
فلاديمير جيكارنتسيف
(الانفصال عن الاخر)