لا نمزح في مسألة النظافة في مجتمعنا! فالخارج من أجسامنا كما الداخل يجب أن يكون نظيفاً من الرأس إلى أخمص القدمين. مما لا شك فيه أن الإعلانات التي تشيطن بكل بلاهة البكتيريا تلعب دوراً كبيراً حتى وإن ارتفعت أصوات متزايدة تندد بتدمير البكتيريا المفيدة وتشدد على أهميتها في الحفاظ على المناعة وتعزيزها. ولن نكذب على أنفسنا وندّعي أن الجراثيم ليست منتشرة من حولنا وأن جهازنا المناعي لا يمكنه أن يخلّصنا منها عند الحاجة!
على أيّ حال، يمكن لهذا الهوس بالنظافة أن يسفر عن خطوات نعتقد أنها أساسية لتجنّب التعرّض للجراثيم؛ علماً أنّ بعضها ليس جنونياً وحسب نظراً لأنّ لا فائدة منه، بل مضرّ بالصحة أحياناً!
إليكم لمحة عن خطوات “النظافة” هذه التي ينبغي علينا أن ننساها سريعاً.
1. الإعتقاد بقاعدة الخمس ثوانٍ:
اعتدتم أن توقعوا بعض الأشياء أرضاً لأنكم تتصرفون بشكل أخرق أحياناً. من حسن الحظ أنكم طوّرتم قدرتكم على التقاط ما سقط منكم سريعاً. فالخرافة تقول أنه لا بأس إذا ما بقي الشيء الذي سقط أقل من خمس ثوان على الأرض، أليس كذلك؟ حسن! أظهرت الدراسات أنّ هذا الأمر خاطئ تماماً لسوء الحظ. مما لا شك فيه أن الطعام أو الغرض الذي يبقى على الأرض لمدة أطول سيلتقط كمية أكبر من البكتيريا. لكن ثانيةً واحدةً على الأرض كافية كي تغطي البكتيريا ما سقط منكم ما يجبركم إما على رميه في القمامة وإما على تنظيفه. ولا فائدة من فركه بيدنا أو النفخ عليه نظراً لكمية البكتيريا المتواجدة في الفم أو على اليدين. إنها محاولة جيدة!
2. حبس الأنفاس عندما يسعل أو يعطس أحدهم في محيطك:
لا بد من أنكم تقولون أنه يستحيل أن تتنشقوا الميكروبات المنتشرة في الهواء! كما أنكم ستشاركون في مباراة للغطس في الأسبوع القادم، وهذا نوع من التدريب لكم… لكن هذا لا ينجح على الأرجح. في الواقع، أظهرت دراسة أجريت في العام 2014 نشرتها مجلة “فلويد ميكانيكس” Fluids Mechanics أن الرذاذ المعدي يبقى معلّقاً في الهواء لمدة أطول مما اعتقده العلماء حتى تاريخه. ونذكّر هنا بأن الرذاذ الناجم عن العطاس أو السعال قادر على القيام برحلة طويلة. بالتالي، إن كانت النقاط الكبيرة تسقط بعد رحلة متر أو اثنين فإن النقاط الصغيرة قادرة على أن تجتاز ستة أمتار! إذن، ستذهب جهودكم سدى إذا لم يعطس الشخص في كمّه وإذا لم تبتعدوا عنه سريعاً… ولتطمئنوا، تذكّروا أنّ اللمس يبقى الوسيلة الأكبر لإنتشار الفيروسات.
مع انتشار جائحة كوفيد-19، نحن نعلم اليوم أننا، بارتداء الكمامة واحترام شروط التباعد، نحمي الآخرين من الرذاذ المعدي. إذن، نأمل ألا يكون الشخص الذي يسعل في المتجر أو المكتب قد وضع كمامته تحت أنفه والتصق بكم…
3. وضع مناديل ورقية (ورق تواليت) أو قاعدة ورقية على كرسي المراحيض العامة:
أنتم واثقون من أنّ هذه الخطوة هي وسيلة جيدة لحماية الردفين من آلاف الأرداف الأخرى التي تعتقدون أنها تحمل كائنات غير معروفة مسببة للمرض والتي استخدمت هذه المراحيض قبلكم. لكن هذا مجرد وهم للأسف، كما سبق وشرحنا بالتفصيل في مقال سابق. نشير أولاً إلى أنّ المناديل الورقية المستخدمة هي ذات مسام وماصّة تلتصق بها البكتيريا بسهولة أكبر مما تفعل مع المرحاض المصنوع خصيصاً لتجنّب تراكمها والتصاقها عليه. وبما أننا نادراً ما نشدّ السيفون بعد إغلاق الغطاء، فالمكان يعجّ بالجراثيم… لاسيما ورق التواليت! من حسن الحظ أنّ البشرة تشكّل حاجزاً ونحن غير معرضين لأيّ خطر إصابة إلا في حال وجود جرح مفتوح. في الواقع، تعتبر اليدان أكبر ناقل للعدوى ولا بد من غسلهما جيداً.
نصيحة إضافية: ترى دراسة أميركية أنّ المراحيض الواقعة في الوسط في الحمامات العامة هي التي تسجّل الإستخدام الأكبر لورق التواليت. إنها باختصار المراحيض الأكثر استعمالاً وبالتالي الأكثر قذارة. إذن، استخدموا تلك الواقعة عند الأطراف عندما تكونون على الشاطئ أو في متجر ما!
انتظرونا بالجزء الثاني: 4 عادات أخرى في النظافة والتعقيم نقوم بها كلنا مع أنها لا تفيد في شيء ! (2)
بالجزء الثالث: عادات أخرى في النظافة والتعقيم نقوم بها كلنا مع أنها لا تفيد في شيء ! (3)