الأخلاق وقوانينها
لقد ولدت أنت والديك من لحمك ودمك الروحانيين، لكي يلداك هما فيما بعد من لحم ودم. أنت هو هما، وهما أنت. وربما أحد أهم أسباب مشكلاتك، إذا كانت لديك مشكلات، هي رفضك لوالديك، فأنت هما. كثيرون اشتكوا لي من أنهم آلاف المرات طلبوا العفو من والديهم فكرياً وظاهرياً ولكن ذلك لم ينفع، أو ربما نفع جزئياً في البداية ثم توقفت العملية وبقي بينهم جدار سميك يثقل كاهلهم. وربما الآن بعدما أدركت أنهما أنت،وأنك ولدتهما وأنهما بداخلك، فإن عملية تقبلك لوالديك ستجري حتى النهاية.
حاول أن تمسك بشيء ليس له حدود، وحاول أن تتعامل مع شيء ليس له حدود. حاول أن تتكلم كلاماً ليس فيه تحديد، فكيف ستتكلم؟ حاول أن تشعر بشيء غير حدود الشيء الذي تمسكه بيديك، فبماذا ستشعر؟ حاول ألا تحس بالذوق بل…بماذا؟ حاول أن تشم شيئاً غير الرائحة…فما هو؟حاول أن تفكر بلا أفكار…فبماذا؟حاول أن تقيس تاريخ حياتك بشيء غير الوقت…فما هو؟
قد تكون أعمالك غير ناجحة وحياتك تسودها مشكلات كثيرة، وكل ذلك لأنك لا تتقبل أبناءك، فأنت تضع نفسك في مرتبة أعلى منهم وتعتبر نفسك الأذكى والأكثر ثقافة وخبرة، وتعتبر أنك على حق في كل شيء وأنك أنجبتهم. ولهذا فإنهم أدنى مرتبة منك وأنت أعلى مرتبة، وهم مجردون من الحقوق ومديونين لك حتى آخر حياتهم على أفضالك عليهم، فأنت تطعمهم وتسقيهم وتربيهم.
إنك باهتمامك بطفلك تؤدي واجب الاحترام لوالديك (ولهذا انتشار عادة تسمية الأبناء بأسماء الجد والجدة)، فطفلك هو سبب وجودك وأنت موجود فقط بفضل أولادك. من بعيد لا يبدو هذا الأمر واضحاً، وعلى الرغم من ذلك فالأمر كذلك. انظر إلى أولادك كما تنظر إلى والديك وأساتذتك، وعندها تبدأ الأمور في حياتك بالاستقرار.
عندما يفهم الناس أنهم ليس فقط ينجبون الأولاد، بل هم موجودون أيضاً بفضل أولادهم، وأن أولادهم يمنحونهم فرصة الحياة وتعلم المحبة وعدم التصنع والصراحة، فلن تعود هناك ضرورة لوجود قوانين حماية الطفولة، إذ سيشغل الأولاد مكانة متساوية في حقوقهم مع الكبار في مجتمعاتنا.
الوضع بين الأهل والأولاد هو التالي:الطفل هو سبب وجود والديه لكي يولد هو. الوالدان ينجبان الطفل لكي يولدا هما فيما بعد. بتعاملك مع الولد تتعامل مع والديه وبتأثيرك بشكل من الأشكال على الولد تؤثر على والديه. وبالعكس فبتأثيرك على الوالدين أو على أحدهما، تؤثر في الولد.