هل تساءلت يوماً لماذا تستمر في تناول الأيس كريم رغم أننا لا نشعر بالجوع؟ لعل الجواب مرتبط بحالتك العاطفية. غالباً ما يتغلّب القلق والغضب والتعب والضغط النفسي على الجوع الجسدي بسبب منبّهات موجودة في الدماغ.
لمَ نأكل حين لا نشعر بالجوع؟ يشير موقع الأخبار الاميركي الالكتروني Huffington إلى ما يلي:
بعد اجتماع صعب في المكتب، ينتهي نهارك مع علبة فارغة من الأيس كريم ومن ثم ألم في المعدة. وفي حفلة لا تعرف فيها أحد، تقف قرب البوفيه وتتسلى بالطعام.
أتعبك الأولاد طيلة النهار، فتتناولين طبقاً ثانياَ من المعكرونة وتشربين كأساً كبيرة (أو اثنتين) من النبيذ بعد خلودهم إلى النوم.
انسَ الجوع الجسدي، فنحن نتناول الطعام أحياناً لنخفف من توقنا العاطفي. عندما نشعر بالقلق أو الغضب أو التعب أو الإرهاق أو عندما نتعرّض لضغط نفسي شديد، يمكن لرغبة ملحة في الإفراط في الأكل أن تتملكنا.
الأكل الانفعالي، أي ان تأكل وأنت لا تشعر بالجوع لأسباب عديدة، هو مشكلة حقيقية ، التعرف اليه غير كاف. وهو يؤثر بعدد كبير منا بدرجات مختلفة. والحلول ينبغي أن تتجاوز مجرد تحديد المشكلة، لأن الكثيرين ممن يأكلون لأسباب عاطفية يدركون ما يفعلونه لكنهم يستمرون بالأكل رغم ذلك.
وعدا تحديد المشكلة علينا أن نتعلم كيف نستبدل الأكل الإنفعالي أي الناتج عن الانفعال بعادات صحية. ولعل الكلام أسهل من التطبيق الفعلي. لكن عندما تصبح مدركاَ لهذا السلوك أي أنك تأكل نتيجة الانفعال، حاول أن تستبدل الأكل بالرياضة أو الإتصال بصديق أو القراءة أو التأمل أو شرب بعض الماء أو اتخاذ قرار واعٍ بأن تدلل نفسك بطريقة صحية أكثر.
لمَ تثير مشاعرنا وانفعالاتنا بعض العادات الغذائية؟ إنّ فهم هذا الرابط أساسي لتنمية أسلوب حياة صحي، وفهمه بأهمية اللياقة البدنية والمعرفة بالأمور الغذائية . فعندما تفهم العامل النفسي وراء الإفراط في تناول الطعام ستتمكن عندها من مواجهته ومن الحفاظ دوماً على عادات صحية، حتى في أوقات الضغط النفسي والمحن.
هل تأكل عندما تشعر بالوحدة؟ (لا نشعر بالجوع) بالاكتئاب؟ بالخوف؟ يمكن لتدوين ما تأكله بشكل يومي أن يساعدك على تحديد
المشاعر التي تسبب المشكلة والسلوك الغذائي المرتبط بها عبر تحديد ليس ما أكلته وحسب بل المشاعر والإنفعالات التي غالباً ما تتسبب بهذا السلوك إزاء الطعام. يعتقد العديد من الخبراء أن الأكل الانفعالي، والإفراط في تناول الطعام يتشاركان الدرب نفسه في الدماغ مع المواد المخدرة.
فالأكل الإنفعالي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كيميائية في الدماغ يشعر بها المرء كلذة تتجاوز الشعور الطبيعي بالشبع الذي يختبره الإنسان عندما يأكل بدافع الجوع.
يؤمن هذا النوع من الإفراط في الأكل وسيلة للهرب بشكل مؤقت ولمدة قصيرة من الضغط النفسي والحزن وغيرهما من المشاعر السلبية، إلا أنّ الشعور باللذة يتبعه شعور بالإحباط ونغرق في الدوامة نفسها كما هو الحال في أيّ حالة من حالات الإدمان.
لكن، ما هي الأشياء التي تطلق نوبة الإفراط في تناول الطعام؟ (لمَ نأكل حين لا نشعر بالجوع؟)
يمكن للتغييرات الهامة في الحياة التي تسبب الضغط النفسي أو الخوف أو القلق كالطلاق أو فقدان العمل أو الأزمات المالية المفاجئة فضلاً عن الضغط النفسي اليومي كالعمل أو العائلة أو زحمة السير أو حتى الطقس أن تدفعك إلى الأكل الانفعالي.
وأحياناً، تكون مشاعرنا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتناول الطعام فماإن نشعر بانفعال قوي حتى تجدنا نسعى للحصول على طعام معيّن وكأن الدماغ أصبح مكيّفاً مع فكرة أن يطالب بهذا الصنف ما إن ينتابنا الشعور هذا.
إليك بعض الأسئلة التي ينبغي أن تطرحها على نفسك إن كنت تتساءل عما إذا كانت علاقتك بالطعام صحيّة أم لا:
- هل آكل عندما أشعر بالجوع أم أن مشاعري وانفعالاتي تتحكّم فيّ أكثر مما ينبغي؟
- هل أفرط في تناول الطعام أحياناً أم أن الفترات التي افرط فيها بتناول الطعم (binge eating) تأتي بشكل منتظم؟
- وهل آكل الطعام من دون تفكير أم أني أتلذذ بما آكله معظم الوقت؟
- هل أنا مهووس بالطعام؟ هل أراقب باستمرار ما آكله؟ (وهل أشعر بشيء من الفشل عندما “أخرج عن عاداتي”؟)
لتطوّر استراتيجيات صحية أكثر تساعدك على التعامل مع الطعام، من الهام أن تعرف المزيد عن الرابط بين دماغك وخياراتك على صعيد الطعام.
- انتبه للإشارات التي يرسلها الجسم ليعبّر عن جوعه ولا تتخلى عن أيّ وجبة من الوجبات.
- كن متنبهاً وأنت تأكل. لا تأكل أمام التلفزيون أو في السيارة أو وأنت تقف. انتبه لوجبتك. اجلس في مكان مريح واستمتع بما تتناوله.
- اشرب الكثير من الماء.
- شجّع نفسك. وفكّر بطريقة ايجابية.
- لا تعذّب نفسك عندما تنزلق قليلاً نحو الإفراط في تناول الطعام.
- حاول ألا تتجاهل مشاكلك ومشاعرك السلبية. لعل مواجهتها أمر صعب لكنه صحيّ.
- استعن بنظام دعم لك؛ اتصل بصديق لتتحدّث إليه عن المشاكل التي تواجهها.
- دوّن ما تشعر به! لا تسجّل الطعام الذي تتناوله فقط بل اكتب مذكرات تصف المشاعر التي تدفعك نحو الإفراط في تناول الطعام.
- اخرج، مارس الرياضة، اقرأ كتاباً، استحم… اهتم بنفسك!
إن لم تستطع أن تساعد نفسك، فيمكنك أن تلجا إلى معالج نفسي أو طبيب نفسي متخصص في معالجة ما يسمى الأكل الانفعالي emotional eating. تذكّر أن طلب المساعدة هو دليل قوة وليس ضعفا. عندما يتعلق الأمر بالتحكم بالوزن ومسائل كالأكل الإنفعالي يمكن لعلم النفس أن يشرح سبب هذا الإفراط.
ويعدّ العلاج السلوكي الإدراكي أسلوباً يركّز على مساعدة الناس على تغيير طريقة تفكيرهم ما يؤدي بدوره إلى تغيير في سلوكهم. وعلى غرار برنامج خسارة الوزن، يعتبر حلّ مشكلة الانفعالي رحلة طويلة. رحلة تبدأ بخطوة أولى هي الوعي تليها خطوة ثانية هي الإستعداد للتغيير. إنّ تغيير الأفكار السلبية والمحبطة والمدمرة واستبدالها بأفكار ايجابية وبناءة أمر أساسي.
تابعونا أيضا على صفحتنا على الفيسبوك: ريجيم ورياضة