أنا سمينة وأؤكّد ذلك من دون أدنى إحراج. كان بإمكاني أن أكتب أنني ممتلئة أو مكتنزة أو ذات صحّة جيّدة ولكني لا أعرف لماذا أصبحت البدانة مهينة جدًا لدرجة أن لا أحد يجرؤ على تسميتها إلا بتعابيرها الرقيقة. أما النحافة فتتكلّم عن نفسها.
في أيامنا هذه أصبح الجسم غير المفتول العضلات حديث الناس. ما يفاجئني ليس عندما يقول الناس إن الرجال ليسوا بحاجة إلى أن يكون جسمهم منحوتًا على نموذج رايان غوسلينغ بل عندما تتجرّأ النساء على نمط جوليانا رومانا juliana romana في هذا العالم (في الصورة) أن يرفعن رأسهنّ. ويتوجب عندها على أحد ما أن يعيدهن إلى المسار الصحيح بحجّة أنهنّ يروّجن لحالة صحيّة سيّئة.
هذا مضحِك، عندما رأيتها لم أقل لنفسي إنني سآكل الدوناتس و “تبًّا لكلّ شيء” بل قلت “يا للروعة! صورة جسمي على الصفحة الأولى للمجلّة وليس مطلوباً منه أن يتغيّر”.
يجب أن نعيش في مغارة كيلا تهدّدنا المشاكل المقترنة بالوزن الزائد. هذا جميل ونعرف اللازمة : كلوا جيّدًا وكونوا نشيطين ولا تدخّنوا وكونوا نحيفين واشتروا المنتجات الصحية كافّة. هذه هي الصحّة.
ولكن إذا لم يكن الأمر بهذه البساطة!!
بإسم النحافة حاربتُ جسمي لمدّة 20 سنة ولم أكن قد بلغت الثلاثين من العمر حتى. معركة طويلة كلّفتني أن أمضي شبابي راكعة أمام كرسيّ الحمّام.
صورة هذه المرأة لم تروّج لذبحة قلبيّة بل على العكس كانت تروّج للصحّة العقليّة. لصحتي العقليّة.
النحافة دائمًا على حق لدرجة أنها تُميت من الجوع أو تجبر على تناول الحساء كل يوم. أكانت تركض في السباقات أو تستقلّ سيارتها لاجتياز شارعَين، على البدانة أن تبرّر نفسها دائمًا ولكن ليس لديها أي عذر. تُلام من دون أن تعرف ذنبها. إنها ثمرة الخمول والكسل المغمّسة بالشوكولاته والمتنكّرة بالغدّة الدرقيّة المعطّلة أو بهيكل عظميّ ضخم.
عقيدة النحافة راسية فينا لدرجة أننا نجد من الطبيعي أن ترغب المجلّات بمساعدة كل البدينين على النحافة ولكن لا تساعد النحيلين على أن يكتسبوا الوزن. تصبح الصحّة في المقام الثانوي عندما يصيب المرض مليارات عارضات الأزياء المتبخترات على المنصّة. ويقترح Microsoft Word كلمة “جميلة” كمرادف لكلمة نحيفة. لا يفاجئني التقليل من شأن كل النساء “الجميلات جدًا”.
لكلّ جسم أسبابه وقد تكون معقّدة
ليس من حق صناعة الموضة أن تحكم على الجيّدات والسيّئات. ليس على جسم الأم أو جسم المرأة القصير أن يبرّر أي شيء. هناك ما يكفي من محلات الموضة التي تبيع الملابس المصمَّمة لأجسام أخرى ولكنها مصنوعة على مقاسها، ملابس ترتديها عارضات الأزياء اللواتي يتمتّعن بوزن سليم واللواتي يُصنَّفن على أن مقاسهنّ زائد عن العادة. هناك ما يكفي من آثار جروح وتهيّجات على الفخذين المحتكّين ببعضهما من دون أن نضطر إلى الإختباء.
على الرغم من أن الشخص يصبح بدينًا بشكل مرضيّ لأنه يأكل عن 15 شخصًا إلا أنني أظنّ أنه قبل القلق على أعضائه يجب أن نقلق على صحّته العقليّة. فالصحّة الجسديّة لا تساوي شيئًا إذا كان الرأس بحالة سيئة. ولا يمكننا عندها أن نعلّم بناتنا ألا يتصرفن بعنف مع أجسادهنّ بهدف إرضاء معايير الجمال.
خبّئوا السلوليت الذي لا يمكن رؤيته. فالجسم الصريح بثنيات بطنه وفخذيه المتلامسين غير المثالي يروّج للمرض. ولكن النحافة غير الواقعيّة تلك المعدّلة على الفوتوشوب لتبدو مثاليّة تروّج للصحّة الجيّدة.
هل هذا منطقي ؟
تابعونا أيضا على صفحتنا على الفيسبوك: ريجيم ورياضة