أسباب إضطرابات الصحة النفسية
بينت دراسة شملت بيانات 187 دولة في العالم أنّ اضطرابات الاكتئاب هي الأكثر شيوعاً، تليها اضطرابات القلق الشديد واضطرابات الإدمان على المخدرات والفصام.
ما الذي يسبب هذا الارتفاع في اضطرابات الصحة النفسية حول العالم ؟
أنا واثق من وجود العديد من الأسباب التي تساهم في هذا الارتفاع، بدءاً من ظروف الفقر وضعف الصحة وصولاً إلى سوء إدارة الضغط النفسي اليومي وارتفاع التوتر الناجم عن الحروب والنزاعات على سبيل المثال لا الحصر، لكني أعتقد أيضاً أنه من الهام أن نلتفت إلى التغيّرات الكبيرة التي شهدتها الخيارات الغذائية حول العالم. ما هي الأسباب الغذائية التي تؤثر في الصحة النفسية؟
تحوّلت الدول حول العالم نحو المأكولات الصناعية والمعالجة والفاقدة الحيوية التي تعتمد بشكل كبير على استخدام الذرة والصويا المعالجة جينياً. نشر هذا النظام الغذائي الغربي وغير الطبيعي تأثيره الضار والخبيث في العالم النامي أيضاً.
لا أغالي بكل بساطة عندما أشير إلى أهمية الخيارات الغذائية على صعيد الصحة العقلية. في الواقع، لدى كل واحد منا دماغان: واحد في الرأس والآخر في الأحشاء، وكلاهما صُنع من النسيج نفسه خلال فترة نمو الجنين.
يرتبط هذان الجهازان ببعضهما عبر العصب الجوّال (العصب الرئوي المعوي)، وهو العصب الجمجمي العاشر الذي يمتد من الدماغ حتى البطن. وقد ثبُت بالدليل القاطع أنّ العصب الجوّال هو الطريق الرئيسي الذي تستخدمه باكتيريا الأحشاء لنقل المعلومات إلى الدماغ.
بالتالي، يُعتبر الحفاظ على صحة الأمعاء الخطوة الأهم عند محاولة تصحيح حالتك العقلية. وفي هذا الإطار، تُسجّل على النظام الغذائي الغربي ملاحظات عدة ليست لصالحه:
· مأكولات معدّلة جينياً: يمكن لهذه المأكولات أن تغيّر الفلورا المعوية، فتعزز ظهور الأمراض فيما تُهلك القسم الأعظم من الميكروبات المفيدة الضرورية لصحة عقلية وجسدية قصوى
· Glyphosate: مبيد الأعشاب الضارة الأكثر استخداماً في العالم حيث يتم استهلاك ما يقارب بليون باوند. تبيّن أن هذه المادة تتسبب بنقص غذائي لاسيما على صعيد المعادن (وهي عناصر أساسية كي يقوم الدماغ بوظائفه)، وبتسمم الجسم عموماً.
يشير الباحثون إلى أن هذه المادة قد تكون العامل الأهم في ظهور وتفاقم العديد من الأمراض المزمنة بما في ذلك اضطرابات الصحة النفسية كالاكتئاب. ويعتقد الدكتور Don Huber أنها سامة أكثر من DDT.
· الحميات الغذائية الغنية بالفركتوز: تغذي هذه الحميات العناصر المسببة للأمراض في الأحشاء وتسمح لها بالتغلّب على البكتيريا المفيدة. كما أن السكر يعيث نشاط هرمون نمو أساسي في الدماغ يُعرف باسم BDNF. تسجّل معدلات هذا الهرمون انخفاضاً لافتاً في حالتي الاكتئاب والفصام.
ويثير استهلاك السكر سلسلة من التفاعلات الكيميائية في الجسم تعزز الالتهابات المزمنة. وعلى المدى الطويل، تعطّل الالتهابات الوظيفة الطبيعية لجهاز المناعة وتلحق الأذى بالدماغ. وأخيراً وليس آخراً، يساهم السكر (لاسيما الفروكتوز) والحبوب في مقاومة الانسولين واللبتين وإضعاف الإشارات ما يلعب دوراً هاماً في صحتنا العقلية.
· مكونات اصطناعية في الطعام: نشير بشكل خاص إلى المحلّي الصناعي الاسبرتام الذي من شأنه أن يلحق الأذى بوظيفة الدماغ. فمن المعروف أن الاكتئاب ونوبات الذعر هي من الآثار الجانبية المعروفة لاستهلاك الاسبرتام.
المصدر: د. مركولا