العلاج السلوكي – الإدراكي
المشاعر توجّهنا وتتحكّم بانفعالاتنا وسلوكنا. مفا هي آلية عمل مشاعرك وهل يمكنك أن تضبطها لتعيد برمجة نفسك.
إنّ «العلاج الإدراكي» أو «العلاج السلوكي – الإدراكي» يشكّل طريقة ممتازة تمكِّنُك من إعادة برمجة نفسك.
العلاج الإدراكي هو كلّ أسلوب من الأساليب العلاجية المتنوّعة التي تعالج الاضطرابات النفسية والتي تساعد «المريض» على تغيير مفاهيمه وإدراكه الحِسّي ونمط تفكيره غير المنطقي إلى نمطٍ منطقيٍ في التفكير بنفسه وأوضاعه.
العلاج السلوكي – الإدراكي نوع من أنواع العلاج النفسي، يهدف إلى معالجة السلوك وهذا العلاج مبنيّ على فرضيّة أنّ أنماط التفكير الخاطئة أو غير السليمة تُنتِج سلوكاً خاطئاً و«مشاعر سلبية»… ويركّز هذا العلاج على تغيير أفكار الشخص بهدفِ تغيير سلوكه ومشاعره السلبية.
ببساطة، إن معتقداتك – التي تعي وجودها لديك والتي لا تعي وجودها لديك – تحدّد مشاعرك وسلوكك. غيّر معتقداتك، تتغيّر مشاعرك ويتغيّر سلوكك. أَبق ِ على معتقداتك الحالية، تبقى مشاعرك على حالها ويبقى سلوكك على حاله. ولكن، بالرغم من حقيقة أنّ المعتقدات تولِّد المشاعر والسلوك، لا يحدث التغيير (في المعتقدات ثم في المشاعر ومن ثمّ في السلوك) بهذا الترتيب دائماً. ولكن تغيير المعتقدات يأتي دائماً قبل تغيير المشاعر والسلوك. وتصعب علينا ملاحظة هذه المسألة لأننا نعيش المعتقدات والمشاعر والسلوك بالتزامن تقريباً مما يصعّب علينا ملاحظة أن المعتقدات تأتي أولاً أي أنها تولّد المشاعر والسلوك.
مثلاً، قد تأكل دون وعي في كثير من الأحيان بالرغم من أنك تفكّر في بعض الأحيان قبل الأكل في صنف الطعام الذي ترغب فعلاً بتناوله. فلْنَقُل أنك جالس مع صديقك أو أولادك في مطعم وأنك تحاول أن تسترخي بعد يومٍ مرْهِق. يأتي النادل بسلّةٍ من الخبز الساخن. دون أن تفكّر، تتناول رغيفاً وتلتهمه بسرعة.
ولا يأخذ هذا التصرّف أكثر من 60 ثانية (من اللحظة التي وقعت عيناك فيها على اللفافة إلى لحظة ابتلاع القضمة الأخيرة). قد يكون هذا التصرف واعياً أو غير واعٍ، وقد تلاحظ بعض «مشاعرك» أثناء التهام الخبز (راحة – ذنب – أو حتى دهشة). وربما تشكُّ في أن لمعتقداتك علاقة بالتهامك الخبز أو بمشاعرك. ولكن، إذا فكّكتَ هذه العملية السلوكيّة – الإدراكية فستجد أنك قمتَ بكلٍّ من «الاعتقاد» و«التصرف» و«الشعور» على حدة، وأنها لم تحدث في نفس الوقت تماماً. فعندما اندفعتَ إلى أخذ رغيف الخبز من السلة، كنتَ قد اتخذت، قبل القيام بهذا التصرّف، قراراً سريعاً بالقيام به بناءً على «اعتقادك غير الواعي» المسبق بأنه «لا ضير» في تناول رغيف خبز بعد يوم مرهِق. ولسوء الحظ، فإن قرارك كان قد اتُّخِذ تلقائياً ودون وعيٍ منك.
وإليك ما حدث بالتفصيل:
1 – رأيت الخبز الساخن.
2 – لأنك «تعتقد» (دون وعي منك) بأن الطعام اللذيذ هو مكافأة جيّدة بعد يومٍ مُرْهِق، «شعرتَ» بأنك تستحقُّ تناول الخبز.
3 – قمتَ «بالتصرّف» التلقائي وأكلته.
في الحقيقة إنّ التصرفات والمشاعر لا تشكّل سوى قمة جبل الجليد بينما تشكّل معتقداتك قاعدة الجبل غير المرئية. ولهذا السبب فإنك تتصرّف بشكلٍ «تلقائي» مرتكزٍ على معتقداتك، دون أن تتذكر أو تعي وجود هذه المعتقدات لأنها مدفونة في العمق بحيث لا تدرك وجودها – ولهذا لا تتواصل معها. وعدم التواصل مع المعتقدات المخفيّة عنك هو السبب في عدمِ نجاحك في تحقيق التغيير في سلوكك حتى عندما تعمل جاهداً على تغييره.
المصدر: كتاب “الأسباب النفسيّة للوزن الزائد” للدكتورة كارن كوينغ