للبرتقال قيمةٌ غذائيةٌ وطبيةٌ فهو من أهم الفواكه وأغناها على الإطلاق.
أول ما يتبادر إلى الأذهان حينما يُذكر البرتقال هو أنه من أغنى المصادر الغذائية بالفيتامين C.
إلا أن ما لا يعرفه غالبية الناس أن البرتقال يحتوي أيضاً على الكثير من العناصر الغذائية والدوائية المهمة، حتى أنه يعتبر بحق الفاكهة المثلى، فهو دواءٌ بكل ما للكلمة من معنى إضافةً إلى كونه غذاءً ولذةً للآكلين.
ويحتوي البرتقال على أربعة مركّبات كيميائية دوائية مهمة هي الليمونِن (Limonin)، الليمونين (Limonene) الليمونين غليكوزيد (Limonin glucoside) والهيسبيريدين (Hesperidin) وهذه جميعها لها مستقبل واعد في محاربة مرض السرطان ومنعه من التفشّي في الجسم.
الليمونين (Limonene) زيت طيار موجود في قشور الحمضيات الطازجة والمجففة.
أما الهيسبيريدين (Hesperidin) فهو من مجموعة الفلافونويدات (Flavonoids)، وهو الفلافونويد الغالب في البرتقال والحمضيات الأخرى. وهو موجودٌ بوفرة في القشور والأغشية الداخلية لهذه الثمار. من هنا فإن عصير البرتقال الذي يحتوي أيضاً على اللّب هو أغنى من ذلك المصفّى. والبرتقال هو أغنى الحمضيات بالهيسبريدين الذي يُستعمل، مضافاً إلى الديوسمين (diosmin)، كدواءٍ فعّال لمعالجة الدوالي والبواسير، وكل ما له علاقة بكسل الأوردة، فهو يقوي جدران الأوردة ويمنع من ارتشاح السوائل عبرها ما يسبِّب تورّم القدمين والساقين وهي حالةٌ مرضية شائعة يعاني منها الكثير من الناس.
هذا إضافة إلى أن البرتقال هو من أغنى المصادر الغذائية بحمض الفوليك (Folic acid). والفولات أو الفوليك أسيد، هو عنصر أساسي ولازم لتكاثر الخلايا بسرعة، كما في أثناء تكوّن الجنين!! وهو يعمل كالباص الذي ينقل الركّاب، والركّاب هنا هم قطع البروتين الأساسية اللازمة لتشكيل الخلايا الجديدة. فحينما ينقص هذا الفيتامين الأساس تبقى قطع البروتين في الانتظار في حين تتشكّل خلايا جديدة ناقصة، ما يؤدي إلى ظهور عيوب خلقية ويولد الطفل بنقص في اكتمال نمو الدماغ والنخاع الشوكي (Neural tube defects).
تؤمّن البرتقالة الواحدة مقدار 50 ميكروغراماً من حمض الفوليك ويؤمن كوب العصير مقدار 56 ميكروغراماً، وهو من أهم المصادر الغذائية للوقاية من ولادة أطفال بعيوب خلقية!!
عصير البرتقال: مذيب الحصى البولية
خلافاً للظن السائد، يعتبر البرتقال من الأغذية القلوية، فهو يزيد من نسبة السيترات (Citrate) في البول، وهذا الأخير هو الذي يمنع تشكُّل الحصى في المجاري البولية لأنّه يعدِّل نسبة الحموضة في البول.
ففي دراسة أُجريت في جامعة تكساس للعلوم الطبية في دالاس على مجموعة من المرضى الذين يعانون من تكرار الإصابة بالحصى في الكلى والمجاري البولية، تمّ إعطاء بعضهم ثلاثة أكواب من عصير البرتقال يومياً، في حين أعطي البعض الآخر دواءً مدرّاً للبول ومذيباً للحصى (Potassium-citrate supplements)، تبين أن عصير البرتقال له نفس فعالية الدواء المذيب للحصى. وقد أوصى الأطباء في هذه الدراسة بشرب ما يقارب الليتر الواحد على الأقل من عصير البرتقال من أجل إذابة الحصى لدى هؤلاء المرضى وذلك بسبب محتواه من البوتاسيوم والسيترات.
البرتقال: مضاد للالتهابات وللحساسية
من الشائع لدى غالبية الناس التداوي بالبرتقال أو بعصيره لعلاج الأمراض التنفسية الشائعة كالكريب والإنفلونزا وأمراض الصدر عموماً.. ولهذا وجهة نظر!! فالبرتقال يعمل كمضاد للالتهابات وللحساسية بسبب غناه بالهيسبيريدين (Hesperidine)، وإذا أضفنا هذه الفوائد إلى فوائد الفيتامين C المقوِّي للمناعة والمضاد للالتهابات وللحساسية (anti histamin) والمضاد للفيروسات (antiviral) والحامي للمجاري التنفسية فهمنا الفائدة المرجوّة من التداوي بعصير البرتقال والحمضيات الأخرى لمحاربة الأمراض الفيروسية التنفسية وكذلك الأمراض الجلدية والحساسية.
وقد تبيّن أن العلاج بعصير البرتقال يقوي مناعة الجسم ويخفّف بذلك مدة وشدة المرض، وقد يمنع حدوثه إذا أُخذ كوقاية.
البرتقال: المحارب القويّ لسرطان الثدي والرئة
لقد أظهرت الأبحاث العديدة أن الليمونين (Limonene) الموجود في البرتقال قد يكون له دورٌ كبير في محاربة سرطان الثدي والرئة وأنواع أخرى من السرطانات.
فبحسب دراسة أُجريت في المركز الطبي لجامعة Duke في دورهام في شمال كارولينا في الولايات المتحدة الأميركية، تمّ إعطاء الحيوانات المخبرية غذاءً حاوياً لمقدار 10% من الليمونين، وقد تبيَّن لاحقاً انخفاض في نسبة الأورام السرطانية بنسبة 70%، وحتى الأورام التي بقيت فقد ضَمُر حجم 20% منها حتى حدود النصف.
ويقول البروفسور مايكل غولد الطبيب والمحاضر في علوم السرطان في جامعة ويسكونسِن للعلوم الطبية في ماديسون أنَّ الطريقة التي يعمل بها الليمونين على الخلايا والأورام السرطانية هي لافتة ومتميِّزة حقاً، إذ إن مادة الليمونين تدفع بالخلايا السرطانية إلى تدمير نفسها بنفسها.. وكأنها تساعدها لتنتحر!
ولقد كانت الدراسات التي أُجريت حول مادة الليمونين واعِدَةً مما دفع الباحثين في إنكلترا أيضاً إلى إجراء المزيد من البحوث حول تأثيرها على سرطان الثدي خصوصاً.
ومن المعروف أيضاً أن البرتقال غنيٌ بالفيتامين (C) (86 ملغ في البرتقالة) وهذا وحده يؤكد على أهميته في الوقاية من الأمراض السرطانية، فقد أكَّدت الدراسات أنّه كلَّما كانت التغذية بمصادر الفيتامين C أفضل كلما قلّ حدوث الأمراض السرطانية، وخاصةً سرطان الجهاز الهضمي (المعدة، الكولون، المريء…) وتجويف الفم وسرطان الرئة والثدي.
ومن اللافت حقاً أن جميع الإحصائيات والدراسات بيّنت أن المقادير العادية المتوفرة في الغذاء الجيد (أكثر من 87 ملغ في اليوم) تكفي للوقاية من مرض السرطان.
لذا يكفي تناول عدة حصص (5 ـ 6) يومياً من الخضار والفواكه لكي نُحصِّل هذه الفائدة، أو يكفي تناول برتقالة واحدة على الأقل.