لماذا تراقب أميركا كل مواطنيها؟
سوف أقول رأياً رغم أنه قد يبدو مستغرباً. إن تدمير برجيّ مركز التجارة العالمي في عام 2001، والذي نفذته المخابرات الأميركية لم يكن موجهاً لاستمرار الهيمنة الأميركية على بقية دول العالم من خلال تأسيس قواعد عسكرية جديدة في دول جديدة، بل قاموا بذلك من أجل الضغط على الشعب الأميركي وزيادة إحكام السيطرة عليه. وبالفعل تحت شعار محاربة الإرهاب في العالم،بدأوا في أميركا بتطبيق قوانين تدمر الديموقراطية التي يتشدقون بها في الغرب.
لم يعد الشعب في أيامنا قادراً على مراقبة أداء السلطات. إن مقولة إن الشعب هو من يقود ويوجه عمل الحكومة، هي مقولة للتضليل ولم تعد سارية المفعول حالياً. لنتخيل باصاً ينقل ركاباً. أحد الركاب يطلب قائلاً :”لنقم جميعاً بإمساك المقود وقيادة الباص”.
إذا كان جاداً فعلاً في طلبه فسوف يرمونه خارجاً لأن طلبه ليس منطقياً ولا معقولاً. كيف تتم قيادة الباص؟ أولاً يجب أن يكون طريق السير معلوماً وجميع محطات التوقف كذلك. ثانياً، يجب أن يكون السائق مؤهلاً ومدرباً على القيادة بشكل جيد. ثالثاً، إذا كان سائق الباص سكراناً أو غير واعٍ، عندها يجب أن يخضع لإرادة المسافرين وهم عندها يحق لهم منعه من القيادة.
تخيلوا عدداً من الركاب على متن باص لا يعرفون وجهته، والسائق معزول عنهم بزجاج مقاوم للرصاص،ولا يستطيعون التحدث معه. وإذا حاولوا الخروج من الباص يتعرضون لصدمة كهربائية، وإذا حاول أحدهم مغادرة مقعده يطلق عليه مساعد السائق الرصاص. هكذا كان نموذج الحكم في الاتحاد السوفياتي.
كيف يبدو شكل الباص الأميركي؟على الأغلب طريق سيره معروف ولكن ليس بدقة. يمكن للمسافرين أن يتواصلوا مع السائق. عندما يرى الركاب أن السائق سكران أو لا يشعر بالمسؤولية، يستطيعون انتزاعه من مكانه. لقد حدث هذا مع نيكسون ومع بيل كلينتون. لماذا قاموا بفعل ذلك؟ ليبرهنوا للشعب أن الجميع يخضعون للقانون وحتى الرؤساء منهم.
لقد تدنى احترام القانون في أميركا، وهو الرابط الوحيد الذي ما يزال يحافظ على تماسك تلك الدولة الكبيرة. لذلك نجد أن السلطات مضطرة أن تسير في طريق القمع. بالتأكيد لن يكون هناك معسكرات اعتقال وإبادة جماعية كما كان يحصل في الاتحاد السوفياتي. سوف تكون هناك مراقبة مكثفة وتنصت وتدخل في تشكيل الوعي الجماعي وتحديد الأشخاص غير المناسبين منذ طفولتهم المبكرة. صارعت السلطة السوفياتية الجريمة على المستوى الجسدي بعد اقتناعها أن التربية غير مجدية. بينما سوف تربي أميركا مواطنيها من خلال التأثير على الروح واللاوعي.
سيرغيه لازاريف – Dr Segey Lazarev
التعليقات مغلقة.