ما هو دور الألم والمعاناة في حياتنا؟ وهل يُعقل أن يكونا مفيدين لنا؟ – فلاديمير جيكارنتسيف
إن الألم والمعاناة هما إشارة إلى انفصالنا عن العالم الخارجي وعن أنفسنا، كما أنهما إشارة إلى أننا لا نقوم بالأشياء التي كنا نحب أن نقوم بها. فأنت، يوماً ما، في طفولتك ربما، قد تكون قلت لنفسك:” إذا فعلت ما آريد فإنني سأتعرض للعقاب والألم وسأحرم من الحلويات أو النزهة”. ولأن الألم هو الشيء الذي نحاول أن نتجنبه بكل الوسائل، فقد قمعت إرادتك وحاصرت التدفق الطبيعي للطاقة الإبداعية. وانظر الآن إلى ما حدث لك: أنت منفصل عن الكل، عن الكون، عن الطبيعة، عن القوانين الإلهية.
لكن هناك آلية إنذار داخل جسمك تنبهك إلى انفصالك هذا، وتجعلك تشعر بالألم في كل مرة تخرق فيها قوانين الكون وتفصل نفسك عن الكل. وكلما زاد الألم والمعاناة، كلما عنى هذا شدة انفصالك عن الكل وقمعك للطاقة الإبداعية داخلك. فماذا تفعل لتحل مشكلتك؟
إنك كأي شخص طبيعي، تحاول الهروب من الألم وإسكاته بأي شكل من الأشكال، أو تتعلم كيفية تجاهله. وبالتالي يتزايد انفصالك عن الكون وعن القوانين الإلهية ويزداد ألمك. إنك طيلة الوقت تصارع الألم والمعاناة، ويعني ذلك أنك تصارع الحياة على جميع الجبهات وفي جميع الاتجاهات، رغم أن هذا لا يحسن الوضع بشيء، ولكن الصراع أصبح محور حياتك منذ زمن بعيد وقد دخل إلى كل خلية في جسمك.
لنفترض أنك شعرت بألم في مكان ما، فماذا ستفعل بصفتك شخصاً طبيعياً تماماً؟ قد تتجاهل هذا الألم وتنقل انتباهك إلى القيام بشيء يلهيك عنه، قد تتناول دواءً ما، كذلك قد تحاول استجماع قوتك للقضاء على الألم. انتبه الآن إلى تصرفاتك! فأنت تصارع في كل الحالات الألم بدل أن تنتبه له بينما وظيفة الألم هو تنبيهك. هناك توتر موجود في المنطقة التي تؤلمك وهو الذي يسبب الألم، وكلما تقوم به هو مقاومة الألم وهذا يزيد توتراً إلى توترك السابق. ومع الوقت يصبح التوتر اعتيادياً عندك. وهكذا يتفاقم الألم، فتزيد مجهودك وتوترك للتخلص منه، فيتطور المرض. وتمر السنوات ثم تجد نفسك تحت رحمة الأطباء. ونفس الشيء يحدث بالنسبة لمعاناة النفس، فكلما زادت محاولات هروبك من آلام النفس كلما زاد التوتر في عقلك، فيتزايد الألم ويظهر بصورة أعراض مرضية أو عصبية.
تذكر أنك عندما تزيد أمراً، فإنك تزيد نقيضه بصورة آلية، فالصراع دوماً تكون نتيجته الزيادة عند كلا الطرفين. ومادام الصراع والتوتر لا ينفعان، فيجب أن تنفع الطريقة المعاكسة وهي الاسترخاء والقبول والرضوخ.
لهذا عليك ألا تقلق بعد الآن، فسيبقى الألم والمعاناة يلازمانك إلى أن تدرك أمراً ما، لذلك يجب أن تدخل إلى أعماق هذا الألم.
التعليقات مغلقة.