لماذا يعاقب الله المؤمنين به؟- سيرغيه لازاريف
إن الضحية والمجرم دائماً يشبه أحدهما الآخر. إذا سرق لص من أحدهم نقوداً، فهذا يعني أن لدى المجني عليه مشكلات مشابهة، لكنها موجودة في داخله عميقاً. إن الشعور بالحماية الزائدة من قبل الله، عند اليهود، زاد من العدوانية الداخلية لديهم، واستفز عدوانية فرعون الخارجية. الحماية المادية، التي توفرها الخيرات المادية للإنسان، يمكن أن تحجب حب الله. ولكن الحماية الروحية في هذه الحالة أشد خطورة.
هذا يعني ببساطة أن شعور الإنسان، أو المجتمع، بالتفوق والأحقية هو مصدر للمصائب والويلات في المستقبل. ولكن ما هو أفظع من ذلك هو الإحساس بالحماية الروحية، وهي تظهر عند الإنسان عندما يعرف القوانين التي تتحكم بالكون. لقد قرأ اليهود التوراة لآلاف السنين ورضعوا مع حليب أمهاتهم قواعد العلاقة السليمة مع العالم: لا تقتل، لا تحسد، لا تكذب، لا تسرق، لا تزن. لقد لاحظوا كيف يبقى الشخص الملتزم بالتعاليم الإلهية على قيد الحياة، بينما يمرض الحسود والبخيل والفاسق ويفنى، وإذا بقي سليم الجسم ، فقد كان أولاده يمرضون ويموتون.
لقد عرف اليهود الآليات الكونية في السبب والنتيجة، وقوانين النفس البشرية، وهذه بحد ذاتها ثروة هائلة. إن معرفة أن النفس المريضة تنتج أمراض الجسد وتعاسة الأقدار هي رأس مال ضخم. لكن كثيراً من المتدينين أصبحوا يعتقدون في الصميم أن الله ملزم بحمايتهم إذا نفذوا التعاليم كلها. لهذا ظهر لديهم الإحساس بأن الله اختارههم. وهكذا جعلوا التعاليم الإلهية والعبادات هي الغاية، وجعلوا الله هو الوسيلة. ولكن الحماية والحب لا يجتمعان.
اعتمد الفاشيون فكرة التفوق المطلق على بقية البشر وفكرة اختيار الله وحمايته لهم. كان شعارهم:”الله معنا” وأبادوا ملايين البشر. ثم تم القضاء عليهم.
عندما ننفذ التعاليم الإلهية، نلاحظ أن جسدنا ونفسنا يبدآن بالتماثل إلى الشفاء. ولكن ما إن نعتقد أن الوصايا والطقوس والعبادات تحمينا، حتى نفقد الغاية الرئيسة التي وجدت من أجلها هذه الوصايا، وهي الشعور بالحب تجاه الله والاتحاد معه. عندئذ تبدأ المصائب والأمراض بالانهيال على المؤمن ذي الروحانية العالية.
إن كل ما هو إلهي لا يحتاج إلى الحماية طبعاً لأنه أبدي. فإذا احتاجت النفس إلى الحماية، فهذا يعني أنها فقدت الوحدة مع الإلهي. لقد فقدت الإحساس بالخلود وهذا يعني أن عليها أن تصارع من أجل البقاء وأن تدافع عن نفسها. علينا أن نعرف أن لدى الإنسان المؤمن وذريته تتفتح إمكانات كبيرة جداً للحب والمشاعر وتحقيق الأماني وجمع الثروات المادية. ولكن قليل من يعرف أن مسؤولية المؤمن عن شعور الحب لله أكبر بما لا يقاس من الآخرين، ويعاقب المؤمن على فقدان الحب لله بقسوة أشد بكثير من الآخرين.
التعليقات مغلقة.