د. سيرغيه لازاريف
يعتبر الكثير من المؤمنين أنه، لكي تبتعد عن الذنوب، يجب كبت الرغبات. لكن أي رغبة هي عبارة عن طاقة، وأي طاقة مصدرها الله، لذلك فإن كبت وقتل الرغبات جريمة بحد ذاتها وذنب. فكيف نجعل رغباتنا تتحقق؟ رغبتنا مثل طفلنا، يجب تربيته وتوجيهه حتى ولو كان منحرف السلوك، ولا يجب رفضه. فقط الأرواح التائهة هي من تولد الرغبات المنحرفة. لهذا علينا التوجه بكل جوارحنا إلى الله. إن الرغبة تصبح رائعة عندما تتضمن محبة أكثر وأنانية ونزعة مادية أقل.
تتحول الرغبة إلى حزن عندما يكون القصد منها فقط المتعة الجسدية والنفسية. يتحول الحب إلى رغبة عندما يتغير نمط الارتباط ليصبح اعتزالاً واعتكافاً. لذلك أثناء استجمامي سوف أكرس يوماً واحداً لمراقبة رغباتي وتلبيتها ثم أقلع عنها مستقبلاً.
كيف نجعل رغباتنا تتحقق؟
من يفكر في المستقبل ويضع في حسبانه الإحتمالات السلبية، يضيف إلى أحلامه ألم الخسارة المحتملة. كلما ازداد عدد العوامل السلبية التي يستطيع الإنسان أن يأخذها بالحسبان، كانت فرص تحقيق رغباته أكبر. هذا ما نسميه الاتصال العكسي.
عندما يغيب الاتصال العكسي في التفكير، يصبح مسطحاً وساكناًً، وتصبح أي خطة أو فكرة للمستقبل ذات لون وردي وغير قابلة للتحقق. إذن الاتصال العكسي هو الألم، الإخفاق، الإزعاجات. ما هو المرض؟ إنه الاتصال العكسي بين الإنسان والله، فالسلوك الخاطئ يولد المرض إذ يعي الإنسان نقصه. وهذا ما يدفعه إلى تطوير معرفته للكون.
كيف يحدث هذا؟
عندما يسير الإنسان على طريق خطرة، فأي إشارة مرور، سواء كانت للتحذير أو للمنع، هي إنذار بالخطر الذي قد يكون مميتاً. يحافظ الإنسان الطبيعي على رغبته في المضي قدماً وفي الوقت ذاته يراقب باهتمام وحذر إشارات المرور. تساعده هذه الإشارات بالانتباه للخطر وبتفاديه. ولكن الإنسان ذو الحالة النفسية غير الطبيعية قد يفكر:” يقول علماء النفس إنه لا يجوز أن نتخيل السيء وإلا سوف نقع فيه، لذلك لن أنظر إلى إشارات المرور المزعجة. مزاجي حسن فلماذا أعكر صفوه؟ “، أو بالعكس تماماً قد يفكر:” هذه الإشارات المزعجة تعني أن الطريق شديدة الخطورة. الأفضل ألا أسافر أبداً “.
على كل الأحوال، عندما يركز الإنسان على المتعة، على المستقبل الزاهر، ويطرد أي أفكار مزعجة، لن يحصل على ما هو حسن أبداً. فكلما كانت السعادة أكبر بما نحصل عليه، كان ألم فقدانه أشد، ومن لم يكن مستعداً لتحمل الألم لن يحصل على السعادة. إذا أراد أحد أن يتسلق جبل مرتفع، عليه أن يتمتع بمستوى عالٍ من الإستعداد الداخلي والخارجي، وإلا فسوف يلقى حتفه.