الشعور بالاستقرار العاطفي
هل يمكن أن تتمتّع بالاستقرار العاطفي حتى لو كنت من الأشخاص الذين يهزّهم أي اضطراب في حياتهم اليوميّة؟ نعم ذلك ممكن إذا اتبعت العادات التي يمتلكها الأشخاص المستقرّين عاطفياً. فماذا يفعل هؤلاء ليحافظوا على استقرارهم؟ إنها مجموعة من العادات الجيدة، أكّدت بحوث كثيرة وسنوات من الخبرة أنها تعطي نتائج إيجابيّة.
أن تكون على استعداد للاعتذار
هل تعلم أن رفض الاعتذار يزيد من قوة الأنا لديك؟ إنه يعطيك شعوراً زائفاً بالتفوق. هذا يسبب لك انعدام أمان لأنك تسعى دائماً للدفاع عن نفسك والبحث عن أعذار تبرّر مواقفك. أما الاعتذار فيؤدي إلى التعاطف. فهل تفضّل أن تكون الأنا كبيرة لدرجة التضخّم أو أن تتمتّع بتعاطف الآخر معك؟ تظهر الدراسات أنك حين تعتذر بصدق، تحصل على تعاطف الآخر. هذا التعاطف يقيم بينك وبين الآخر تواصلاً قوياً.
الاعتذار يشير إلى النضج العاطفي. والشخص غير الناضج لا يمكن أن يتعاطف مع الآخرين. تعلّم أن تعتذر. في البداية لن يكون الأمر سهلاً. لكن حاول دائماً أن تعترف عندما تكون على خطأ، واعترف بحدود إمكانياتك مهما كانت.
أن تضع نفسك مكان الآخر
إذا كنت لا تستطيع أن تفعل هذا، سيحكم انعدام الأمان العاطفي حياتك. نحن مخلوقات اجتماعية. إذا لم تتمكن من الاتحاد مع الآخرين فسوف تتّجه إلى العزلة والوحدة.
يميل الكثير منا للنظر إلى وجهة نظر الآخر باستخفاف، والمطلوب في الواقع أن تتمرّن على أن تضع نفسك في ثلاثة مواقف إدراكية مختلفة هي موقفك أنت، وموقف الآخر، وموقف المراقب. هذه الطريقة تمنحك القدرة على أن تكون شخصاً متفاعلاً مع من حولك إجتماعياً.
أن تكون على استعداد لقبول الفشل
الناس المستقرون عاطفياً يمكنهم تقبّل الفشل. الفشل ينبغي أن يعلّمك التواضع والصبر والمثابرة والقدرة على تحدّي ذاتك. إنه مدرسة بحدّ ذاتها. الحياة لا تقدّم شيئاً على طبق من فضّة لذلك أنت تحتاج لتقبّل الفشل تماماً كما تتقبّل النجاح.
أن تتعلّم السيطرة على النقد الذاتي
النقد الذاتي هو حجر عثرة عالمية. ولعلّه المشكلة النفسيّة الأكثر شيوعاً بين الناس. إن انتقادك الدائم لنفسك يجعل مشكلة انعدام الأمان العاطفي تتفاقم. الأشخاص المستقرون عاطفياً يعرفون كيف يتعاطون مع الصوت الداخلي الذي ينتقدهم طوال الوقت. هناك عدة طرق للقيام بذلك. يمكنك اقامة علاقات صداقة مع الناقد الداخلي من خلال الاستماع إليه ومعرفة قيمة انتقاداته. يمكنك تدريب عقلك ليكون حاضراً. يمكنك التمرّن على التركيز على اللحظة في العالم الخارجي الفعلي وليس في رأسك، ذلك يمنحك الهدوء والسكينة.
أن تقوم بخطوة كبيرة الى الوراء
إن التراجع خطوة واحدة يساعدك على اكتساب وجهة نظر أكثر موضوعية حول حياتك ويتيح لك رؤية الصورة الأكبر. الناس غير الناضجين عاطفياً يميلون أكثر إلى اتخاذ قرارات متهورة يندمون عليها لاحقاً، ويخلقون المزيد من المشاكل التي تشعرهم بمزيد من عدم الأمان.
الحل هو في التراجع خطوة الى الوراء والنظر إلى الصورة الكبرى للأمور قبل اتخاذ القرارات
نحن لا نجيد تحليل مشاعرنا بموضوعية. لكن قدرتنا على التفكير في ما نقوم به ومراجعة أخطائنا مراراً وتكراراً مرتفعة جداً، لذلك نتخبّط في نفس المشاعر السلبية التي شعرنا بها عند القيام بتلك الأخطاء للمرّة الاولى، وهذا يبقينا عالقين في السلبية. قد يكون من المفيد أن نمنح العقل استراحة قصيرة، لمحاولة استعراض الوضع من مسافة كافية تجعلنا ننفصل عن المشاعر السلبيّة.
هل تفضل أن تكون على حقّ أو ان تكون سعيداً؟
هذا السؤال القديم ينطبق هنا: هل تفضّل أن تكون على الحق أو تكون سعيداً؟
تخيل أنك تتمكن من أن تثبت أنك على حق دائماً لكنك بائس تماماً. أو أنك تخطئ في الكثير من الأوقات لكنك سعيد وراض عن حياتك. أيهما تختار؟
معظم الناس يختارون أن يكونوا على حق وبائسين. الحقيقة هي أنه من الأفضل أن يكون الإنسان منفتحاً على الاعتراف بالخطأ بحرية. إذا كنت غير موافق على أمر ما من كل جوارحك فلا بأس في أن تتمسك برأيك. أما إذا كنت تعتقد أنك على حق طوال الوقت فلا بدّ أنك بحاجة للمساعدة.
خلاصة الأمر أن الاستقرار العاطفي هو مهارة يمكنك أن تكتسبها مع الوقت ومع الوعي ومعرفة ما تريده وما المهم بالنسبة لك.
أما إذا كنت تنجذب لأسباب غامضة إلى حياة أقل استقراراً وأماناً فعليك إذاً أن تبحث عن الأبعاد النفسيّة لهذا الوضع.